السبت، 8 مارس 2014



المبادي والقيم الثابتة                                                                          
 الإفتتاحية
من أولويات العملية التنظيمية التي ينادي إليها الأحرار وفق معالم الإنقاذ الحقيقي للأوضاع الراهنة، هو الترتيب المرن للأولويات والأهداف والغايات التنظيمية حسب ما توفره معطيات الواقع ، ومن الممكن والمحتمل أن يتحول أي هدف تكتيكي الى هدف إستراتيجي والعكس صحيح، ذلك أن التجاوب مع مخرجات البيئة والتأقلم مع تقلباتها الظرفية يعد سلاحاً فاعلاً يسرع من عمليات التفاعل ويمكن الثوار من بلوغ النتائج المرجوة في الوقت المحدد، ومن هنا ندرك أهمية الوضع المرن لحراكنا، وأهمية حمايته من الإصابة بالجمود أو الإنزلاق الى الطريق الوعر المؤدي للفشل الزريع، ولعل هذا الأسلوب في التخطيط لا يعني أن تخضع المبادئ الأخلاقية والقيم الثابتة للمتغيرات فتصبح هدفاً تكتيكياً تارة وإستراتيجياً تارة أخرى، لأن المبادئ والقيم الأخلاقية لا تتغير كما أن تعاملنا معها لايفقد ثباته وإتزانه، بل تعتبر القيم والمبادئ هي شرط البناء والتحرك التنظيمي، وبدونه يفقد البناء هويته ويتبدد تأثيره تماماً مثلما حدث مع التنظيمات الإرترية اليوم التي فقدت بصمتها وأضحت ملامحها باهتة بسبب إنكسار إرادتها وميوعة مواقفها في الوقت الذي كان ينتظر منها إظهار الغيرة الوطنية ورفض مبدأ الخضوع لشروط الواقع المخالف لقيمها ومبادئها التنظيمية الثابتة، إذ أن المرونة في مثل هذه الحالة تعتبر ميوعة وضعف ، وبالتالي فإن رسالة الإنقاذ تفرض على روادها أن ينتفضوا وبقوة من الحالة السابقة لكي يتمكنوا من الإنتقال الى مربع الثورة التحررية الناهضة لتصحيح المسار التنظيمي برمته، ولا نخفي أنها (أي الساحة الإرترية) لازالت تجهل سبيلها نحو هذا الهدف التحرري المركزي ، ولهذا بثثنا هذه الإفتتاحية لتبيان التفاصيل الضائعة من العملية التنظيمية والتي بدونها قد تتحول الأوعية التنظيمية من أوعية ديمقراطية الى أوعية ديكتاتورية، وهو الحال الذي جعل الحكومات جميعها تمارس ماتمارسه جهلا بقواعد الممارسة الديمقراطية أو عدم رغبة في ممارستها ، وهي حالة من التمرد اللاأخلاقي على القيم والمبادئ الإنسانية الثابتة ، ومن الصعب فرز تنظيم سياسي واحد أو تبرئته من تهمة التمرد هذه التي أصبحت جزء لا يتجزء من العرف التنظيمي العام للعملية السياسية ولا يكاد أحد (من الشارع العام) يشعر بجرمها إلا عندما يمارس الحزب السياسي الحاكم في بلاده وسائل العنف والقمع والإضطهاد الظاهر ضد شعبه، وكأن الحزب الحاكم هذا كان (سابقاً) يسير في طريق مستقيم ومراعياً القواعد الديمقراطية في ممارساته وأن التمرد الجماهيري عليه ماتفجر إلا لأسباب ضائقة المعيشٍة ليس أكثر، وبالتالي نشهد وبصورة ساخرة تدخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل الهيئات الدولية والإقليمية وكأنها تريد معالجة الأزمة الداخلية لدول العالم الثالث ولكنها في الحقيقة تبحث لها عن مداخل للسيطرة ومنافذ لإشباع أطماعها المرتبطة بأهداف العولمة ، ليتم بذلك دعم مواقف الحكومة التي تقبل الخضوع لهيمنتها فتساعدها في تشويه الصورة الفعلية للأزمة وتمييعها كي لا تبرز حقيقة الممارسة الديمقراطية الزائفة للنظام الحاكم، كما لاننسى قوة وسائل الإعلام الفضائي المضاد للحقيقة أوالموالي لمزهب الحاكم في إمتصاص تأثير الثورة الشعبية والحيلولة دون بلوغها مرحلة السيطرة على الوضع التنظيمي للدولة ، وذلك من خلال عكس أدوار العنف التي تمارسها الحكومة وإلصاقها بالرموز الثورية المحركة للجماهير فتعمل على إظهارهم وكأنهم مجرمين لم يحصلوا على شرعية الشعب، وتزداد الآلة الإعلامية شراسة كلما شاركت تنظيمات سياسية معارضة للنظام في التظاهرات المناهضة له لتجد ما يبرر لآلتها حق إلصاق التهم بمن يعتبره الحاكم خصماً وعدواً له .
وهكذا يتم إخضاع مضمون الرسالة التنظيمية والإعلامية لمنطق التحايل والمخادعة, الأمر الذي جعل الوظيفة السياسية (للأحزاب الحاكمة) تستحوز على نسبة 99% من السلطة التنظيمية بينما حصلت الشعوب على نسبة 1% من السلطة التنظيمية، وهو ما يدعونا الى مراجعة الأسباب المنطقية التي أحالت ميزان القسمة التنظيمية لتميل كفتها وبالكامل لصالح الجهة الموظفة بينما أفرغت كفة رب العمل (الشعب) من أية نسبة للمشاركة في البناء التنظيمي، رغم أنه صاحب العمل ومالك المؤسسة التنظيمية والذي من المفترض أن يقوم بنفسه بتوزيع هذه النسب على موظفيه وفق متطلبات سيادته عليها لتحقيق الفائدة والمصلحة التنظيمية لكيانه،  وهاهو قد تمادى المنطق التنظيمي للقوى السياسية بصورة شازة جعلته يتجاهل أبسط حقوق الملكية وإستحقاقات صاحب العمل التنظيمية لتفسح لنفسها المجال وترصد مقعد الحاكم  وتحلم به حسب مواصفات هذا المنطق الذي يخول لها أن تصبح المالك البديل وصاحب العمل ، رغم علم القيادات السياسية المتعلمة أن ذلك قانونياً لا يجوز لأن كيان الشعب لم يختفي من الوجود ولم يتم إثبات ذلك من خلال وثيقة قانونية كشهادة وفاة أوعجز مزمن أوتقاعد بصورة إختيارية تمنح الحكومة حينها الحق لتحجر عليه ومن ثم تصبح الوصي القانوني حسب خزعبلات المنطق الديمقراطي الزائف، ورغم هذا وذاك لازالت أقلام الساسة ومدوناتهم ومقالاتهم تنادي بصحة هذا المنطق التنظيمي الفاسد بعد أن أقنعت نفسها به وخضعت لسلطة الغرب عراب هذه الوجهة والذي يعتبر في نظرها القدوة لكل من يحلم بالسلطة الإنتهازية، وليس من العقل والمنطق إذن أن تخضع الفئة الشبابية الواعية اليوم لأسلوب التوارث الإنتهازي هذا  أو أن تقبل تسمية العمل بهذا المنطق ممارسة ديمقراطية، كما على رواد هذه الوجهة التنظيمية الخاطئة أن يستحوا من الإعلان بأن التغيير الديمقراطي يجب أن ينحصر مقاسه في حدود هذا المنطق التنظيمي العقيم وأن يتوقفوا عن محاولة إطلاق إسم التغيير الديمقراطي على هذا المسار المنحرف لمجرد أن إرتريا لم تجرب هذا المنطق الديمقراطي الزائف حتى الآن كما فعلت دول العالم من حولها، وكيف بالله يعتبر عدم تطبيق هذا المنطق في إرتريا دليل علمي على صلاحيته ليكون البديل لنظام الهقدف، ولماذا يتناسون أن موجة الربيع العربي جاءت كدليل عملي يختصر علينا مشوار البرهان الطويل لإثبات خطأ هذا التقدير الإنتهازي للأمور وصحة تقديرنا للوضع التنظيمي الآمن بالنسبة للشعب الإرتري وشعوب العالم، وستظل موجة هذا الربيع تمدنا بتأثيراتها القوية تضرب صلابة قشرة الزيف التي يتمتع بها الوضع الإنتهازي المخالف للوضع الديمقراطي الحقيقي، حتى تتساقط قشرته المتكلسة الواحدة بعد الأخرى، فتتعرى كل الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة والمتخفية وراءها، وتكتشف الشعوب أهمية وحدة بناءهها التنظيمي وإستقلالية كيانها السيادي وإرتباط الحياة الكريمة بتحقيق هذه الخطوة .
حريتنا حتمية
إتحاد شباب إرتريا لإنقاذ الوطن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق